عاش في قدم الزمــان ملـك عظـيم وكان لـهذا الملك مـهرج يـثير ضحكـاته بنكته التي
كان يطلقها وهو يتصنع السذاجة والبـلاهة ، وذات مـرة عندما تصــرف ذلك المهرج
بمنتهى الحمق أهداه الملك طرطورا وطلب منه أن يظـل يرتديه دائـما حتى يرى يوما
شخصا أكثر بلاهة وسذاجة منه ، فيعطيه إياه.
مرت الأيام و هذا المهرج يرتدي دائما الطرطور الذي أهداه إليه الملك مظهرا
بذلك إنه لم يكتشف بعد شخصا أكثر سذاجة منه وكـان من آن إلـي آخر يدخل
إلي الملك ليقوم بتسليته ولاسيما عندما يكون الملك مهموما أو متضايقا.
وفي ذات يوم أسـرعوا إلي هذا المــهرج طالـبين منه سـرعة الحضـــور إلي
الملك.
ولما ذهب إليه وجده في منتهى الخوف والاضطراب ، إذا شعر الملك بدنو اجله وقرب ساعة موته ، وكان يقول للذين حوله إنه لا يريد أن يموت هكذا سريعا.
تدخل المهرج وحاول أن يضحك الملك وقال له : ( يا مولاي لماذا أنت خائف هكذا ؟ أجابه : ( إني مسافر إلي الأبدية ولا أعلم أين سأكون )
قال له المهرج: مولاي ألم تفكر قط في تلك اللحظة من قبل ؟
أجاب الملك : لقد كان عندي الكثير لأفكر فيه و لكن لحظة الرحيل فلم أفكر فيها قط ولم أستعد لتلك الرحلة الأبدية.
إذا فأنت ذاهب لرحلة أبدية ولا تعرف أين ستذهب ولم تستعد لتلك الرحلة مطلقا ؟
أجاب الملك : هذا هو حالي تماما ولهذا فإني في منتهى الفزع.
وهنا خلع المهرج الطرطور الذي كان يرتديه وقال للملك : لقد أخبرتني ألا أتخلى عن هذا الطرطور حتى أجد شخصا أكثر بلاهة وحمقا مني وإني يا مولاي لم أتمكن طوال سنين كثيرة أن أجد هذا الشخص ، لكنني أخيرا وجدته ، أنت يا جلالة الملك هو هذا الشخص الأبله الذي على وشك القيام بأخطر رحلة في الحياة ولم يحاول يوما ما طوال حياته أن يفكر فيها قط.
عزيزي القارئ ، هل حقا تعيش حياة توبة مستمرة ؟ هل تفكر حقا في أبديتك ؟ أم إن لديك بالفعل الكثير لتفكر فيه ؟ ولديك أيضا الطرطور الخاص بك ؟
انظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة ( أف 5: 15، 16 )[b]