في العلاقات الإنسانيّة
أولاً: مقام العلاقة في حياتنا
- إذا ما ألقينا نظرة سريعة على أيّ يوم من حياتنا، لا بدَّ أن نلاحظ المقام الذي تشغُله
العلاقة في حياتنا، إنْ من ناحية الوقت، وإنْ من ناحية التأثير الفعلي على نوعية حياتنا.
- العلاقة وعملية التواصل هي سَدى حياتنا ولُحمتُها.
- حياتنا تكون في العلاقة أو لا تكون، حياتنا مجبولة
بالعلاقة.
- عملية الاتصال هي السبيل لخلق العلاقة؛ بل إنّه من
العلاقة بمنزلة القلب. هذا الاتصال يتم بطريقيْن: اتصال كلامي – واتصال غير كلامي، وهذا الأخير أكثر أهمية لأنّه
أبلغ من الكلام، وأكثر عفوية يتجلى بملامح الوجه
وحركات الجسم ونغمة الصوت.
- 75 % من وقتنا يصرف في عملية العلاقة.
- ومن ناحية التأثير الفعلي للعلاقة
على نوعية حياتنا نقول: إنَّ كل نموّ إنسانيّ ، وكل
تعثّر في هذا النمو أو في الصحة النفسية يعود إلى نجاح العلاقة أو تعثّرها؛ إنَّ نوعية حياتنا هي من نوعية
علاقاتنا؛ وَمَنْ يحاول أن يعيش وحيداً منغلقاً هو أشبه
بالنبتة التي تحاول أن تعيش بمعزل عن الماء والنور.
- كل تعب نفسي قد يأتي من عدم تمكّن
الإنسان من خلق علاقة أو إنهاء علاقة معيّنة. مثال:
عندما تشعرون بشيء من القلق أعيدوا النظر في حياتكم وفتشوا أين حدث شرْخٌ في العلاقة.
في الحياة
الزوجية على سبيل المثال، العلاقة والاتصال شيء
أساسي في استمرارها، لأنّ معظم الزواجات التي تنهار يعود انهيارها إلى رفض المتابعة في إقامة علاقة صريحة
وصادقة بين الزوجين.
ثانياً: أنواع العلاقة
أربعة: مع الذات – مع الآخر – مع الله – مع الأشياء.
- إنَّ الصدق شرط أساسي لنجاح أيٍّ من هذه العلاقات، بدونه
تصدبح حياتنا أشبه بتمثيلية لا معنى لها.
- كما أنَّ التعبير بصراحة عن
العلاقة يعطيها قيمتها الحقيقية، إنّه يضيّق إمكانية سوء
التفاهم، يقود إلى خلق علاقة متينة تؤول إلى نموّنا الشخصي؛ لأنّه حيث يتوقّف التواصل الصادق تبدأ المخيّلة عملها.
آ – العلاقة
مع الذات:
- تقوم على التعبير والصدق.
- كتب شكسبير في روائية " هملت ":
" قبل كل شيء كن صادقاً مع ذاتك، فيتعذّر عليك
آنذاك أن تكذب على أحد."
- الإنسان الذي لا يستطيع أن يقف
أمام ذاته ويراها كما هي.
- والذي لا يرى الغرف المعتمة في
ذاته، والذي يرى هذه الغرف ويخاف ولوجَها تكون علاقتُه
مع نفسه علاقةً مزيّفة لا صدْقَ فيها.
- العلاقة مع الذات أساس كل العلاقات
الأخرى، عليَّ أن أبدأ من الداخل، أن أحبّ نفسي، أن
أقبل نفسي كما هي، أن أقبل ضعفي، أن أقبل واقعي بكل صدق وفرح وأنطلق في الحياة دون أقنعة.
- إنَّ أول عقبة تحول دون الاتصال بالآخر ليست تلك
القائمة بيني وبين الآخر، بل بيني وبين نفسي، فما دمت أُخفي الحقيقة عن ذاتي فلن أتمكّن من التعامل بكل صدق مع سواي.
ب – العلاقة
مع الآخر:
- هي أساس في الصحة النفسيّة
والروحيّة والجسديّة.
- الشخص لا يملك حقيقته إلاّ بعلاقته
مع الآخرين.
- الآخر يُخرجني من محورية الأنا،
إلى محورية الآخر، من الأنانية إلى الغيرية وهكذا أتحرّر
شرط أن تكون علاقتي به وعلاقته بي سليمتيْن.
- لدى الإنسان حُلُم يُدعى حُلم
العلاقة، أي الحاجة إلى العيش في علاقة مع الآخرين؛ إنّه
بحاجة إلى تخاطب ومشاركة ومبادلة.
ج – العلاقة
مع الله:
- إنّها علاقة عمودية تُفضي إلى علاقة أفقية سليمة ( أحبب
الله من كل ... وأحبب قريبك حبّك لنفسك)
- كيف أُقيم علاقة مع الله؟ بالصلاة،
بإشراكه بأمور الحياة اليومية.
- يؤكّد علماء النفس أنَّ البعد الروحي في حياة الإنسان
أساسي لدرجة أنّهم يردّون كلّ قلق نفسي إلى عدم وجود البعد الروحي في حياة الإنسان. " تعالوا إليَّ جميعاً
أيّها المُرهقون المثقلون وأنا أريحكم". (متى:
11 / 28)
- عندما لا نعيش بسلام تختل علاقاتنا، ولكي نعيش بسلام
علينا أن نستقبل الله في حياتنا. وبالصلاة نستقبله، ونلتقيه.
د – العلاقة
مع الأشياء:
- هذه العلاقة تختلط بالعلاقات
الثلاث السابقة؛
- أُعطي قيمة للشيء من خلال نظرتي
إلى ذاتي، وإلى الآخر، وإلى الله. عندها إمّا أن
تتحكَّم الأشياء فيَّ وإمّا أتحكّم أنا فيها.
- مثال: إذا نظرت إلى المال على أنّه
أهم من الله، وأهم من الإنسان الآخر، عندها يأخذ
المقام الأول في حياتي، والعكس صحيح.
- نستنتج: تجب العودة إلى الذات
ومراجعة العلاقات الأربع ومعرفة أين نحن منها وما
موقع وحجم كل منها في حياتنا.