رأيـــت هنـــــاك
للمتنيح مثلث الرحمات الأنبا يوأنس أسقف الغربية
تركنى اخى الروحى بعد جلسة ليست بالقصيرة فيها تحدثنا عن الأمور المختصة بملكوت السموات.. لقد شعرت اثناء تلك الجلسة بقشعرة تسرى فى كل عضو من أعضائى هى قشعريرة الخوف من دينونة الله العادلة. والندم على الوقت الذى انفقته مع أهل العالم.. بعد أن كنت جندياً أميناً ليسوع المسيح.
اويت الى فراشى ونمت نوماً عميقاً حتى شعرت بيد حنون تهزنى هزاً خفيفاً... إنها العذراء الطاهرة القديسة.. رايتها متسربلة بالنور من هامة راسها الى أخمص قدميها وثيابها تشع منها النور كإنها الشمس فى بهائها ولمعانها
امسكت بيمينى.. فلما سجدت تحت قدميها اقامتنى بيديها قائلة لى (قم يا أبنى أنا أمة الرب)
قادتنى ... فقلت (الى أين يا أمى)؟.
اجابتنى (الى مواضع الراحة الى المكان الذى هرب منه الحزن والكابة والتنهد)
فقلت لها (وكيف يكون هذا لى وانا انسان خاطىء)؟
... تبعتها فى خوف ورعدة وما أشعر بنفسى إلا فى وسط مكان يشع منه النور من جميع أرجائه ومن كل بقعة فيه.
فى ذلك المكان رأيت قوماً كل منهم وجهه يشع نوراً عجيباً ويظهر على محياهم النور الالهى..
قابلت أول من قابلت شيخا وقوراً مسناً تتدلى لحيته الى قرب ركبتيه على محياه إمارة الابوة .. فسألتها من هذا يا أمى؟
فاجابتنى (الا تعرف هذا .. إنه أبونا إبراهيم أبو كل المؤمنين...)
لقد أيقنت أنى فى الفردوس مكان راحة وإنتظار الابرار هناك رايت اسحق ورايت يعقوب.. هناك رايت داود الملك والنبى المرتل.. رأيته ممسكا بعودة ومزمارة وهو يرتل أشجى الالحان .. أرهفت السمع فاذا بى أسمع تسابيح الله وشعرت كأنى بمنزلى وفى مخدعى أصلى صلوات نصف الليل بمزامير داود البار. سمعته يقولها بنفس اللحن الذى به نقولها ... يا للعجب!!
رايت القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ككوكب عظيم جداً يحيط به كواكب أصغر منه حجما وأقل منة ضياءً..
ولما تركته وجدت نفسى فى حضره أبو مقار.. طرحت نفسى تحت قدميه وقلت له طوباك يابو مقار وطوبى لاولادك. فأقامنى بيده وقال لى لا تفعل هذا فإنى عبد مثلك.. فطلبت منه أن يباركنى وأن يذكر خدمته فى مدارس الاحد... فطلب الى الله من أجلنا.
ربوات ربوات وألوف ألوف.. قديسين لاحصر لهم.. هؤلاء جميعاً ألقيت عليهم النظرة الاخيرة حين جذبتنى العذراء الطاهرة جذبة هينه لكى أتبعها.
فقلت لها الى أين يا أمى.. فقالت إتبعنى!
تبدل النور البهى الى ظلمة حالكة والجو المطمئن الى جو مفزع وذلك عندما وجدت نفسى وسط الاشرار يبكون بعيونهم ويصرون بأسنانهم ندماً على ما فرط منهم...
صرخت وقلت لها إرحمينى يا أمى إرحمينى من هذا المكان فقالت لى تعالى لكى تبصر مكانك المعد للمتتبع يسوع فصرخت وقلت لها كفى .. لقد رايت .. كفى هذة الظلمة الخارجية .. كفى البكاء وصرير الاسنان هناك رايت الزناة والقاتلين والسارقين والماكرين والخادعين والكاذبين والحانثين والشاتمين والسكرين والطاميعين و.... رايت كل من هؤلاء يتلوى تحت ثقل وطاة خطيئته كل يتألم بألم مناسب لخطيته.
اقتربت من شاب بدين الجسم فارع القامة وقد أحنى ظهره كثرة البكاء وفرط الحزن.. تفرست فيه فاذا صديقى الذى فارقنى منذ بضع شهور.. قلت له علام تبكى يا صاحب.. فقال لى أنا لا أبكى إلا ندماً على أنى كنت استهين بحديثك وأستهزى بكلماتك حينما كنت تدعونى الى إجتماع الشبان وحتى حينما كنت تلح على كنت أجلس فى الاجتماع شارد الفكر ومشتت العقل. أفكر فى إخوان السوء وما ينتظرنى من سعادة وهمية خادعة.. ولقد اعترتنى رعدة عظيمة حينما قال لى (إن كل حرف مما كنت تقوله لى يأكل لحمى كنارٍ.. أنى كنت فى الماضى اسالك أن تصلى لاجلى ولكنى لا اطلب منك الآن شيئا من ذلك فقد إنكشف أمامى كل شىء حيث لا تنفعنى صلوات العالم أجمع فهى لا تستطيع ان تنقلنى الى النعيم.
لقد امضيت هذة الدقائق مع صديقى وكانى واقف على بركان ادرت النظر الى امى العذراء راجيا اليها ان تنقذنى من هذا المكان.
خرجت أنا وأمى من هذا المكان الموحش.. فتفرست فى وجهها كإنما أطلب شيئاً.. فقالت لى تحدث ولا تخف ماذا تريد؟؟
قلت لها أريد أن أطمئن عن مصيرى ومكانى. فقالت لى ألا تؤمن بمواعيد يسوع (إنه ذهب ليعد لكم مكانا، فمكانك يا إبنى محفوظ بشرط ان تحب يسوع وتتبع وصاياه).
فقلت لها انا أؤمن بذك ولكن أليس مكانى خاليا ومعد لى..؟ قالت لى نعم فقلت لها أريد أن أراه ..
أشارت اليّ فتبعتها وإذا بها تشير الى كرسى بهى من نور ساطع.
وقالت لى هذا مكانك .. تشبثت بالمكان.
وسالتها أن ترحمنى من العودة فابتسمت وقالت لى (ليس لك ان تحدد المواعيد .. ولكن لا تخف فإبنى يحبكم جدا وقد بذل ذاته لاجلنا جميعا).
حزنت ووجمت ..
فقمت من نومى فزعا
وأنا أردد:
اذ ليس لنا حالة ولا حجة ولا معذرة من اجل كثرة خطايانا
فنحن بك نتوسل إلى الذى ولد منك يا والدة الاله العذراء .
لان كثيرة هى شفاعتك وقوية ومقبولة عند مخلصنا.
لانة تالم من اجلنا لكى ينقذنا
نهضت ولكنى تمنيت لو أنى ظللت نائماً أتمتع بهذه المناظر الطاهرة فى نور القديسين