من أين جاء الثالوث؟؟؟؟؟
ان الأدلة الكتابية على عقيدة التثليث القائلة بإله واحد مثلث الأقانيم: الآب والابن والروح القدس. وسأستهلّها بما ورد في فاتحة الكتاب المقدس. ففي الإصحاح الأول من سفر التكوين نقرأ في الآية الأولى العبارة القائلة: "في البدء خلق الله السموات والأرض". وتقول الآية 2: "وروح الله يرف على وجه المياه". وبعد ذلك نقرأ في الآية 3: "وقال الله ليكن نور فكان نور". الآية الأولى تتحدث عن "الله" والثانية عن "روح الله" والثالثة عن "قول الله" أي كلمة الله. وهي تشير إلى العقيدة المسيحية القائلة بإله واحد في ثلاثة أقانيم
.أنتقلُ الآن إلى المزامير. ففي المزمور 33 تقع عيوننا على الآية 6 القائلة: "بكلمة الرب صنعت السموات. وبنسمة فيه كل جنودها". وبهذا كان داود يشير، كما أشار موسى من قبل، إلى اشتراك الرب وكلمته ونسمة فمه في عملية الخلق. والشيء نفسه نجده واضحاً جلياً في نبوة إشعياء. ففي الإصحاح 48 يقول الله "أنا الأول وأنا الآخِرُ (وهذا لقب من ألقاب المسيح في العهد الجديد) ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السموات". وفي الآية 16 يقول "منذ وجوده أنا هناك. والآن أرسلني السيد الرب وروحه". من هنا نفهم أن الأقنوم الثاني هو المتكلم ولذلك يقول "أرسلني السيد الرب وروحه". إن كان هذا ليس ثالوثاً، فكيف يكون الثالوث؟
نتحول إلى العهد الجديد. ففي الإصحاح الثالث من إنجيل متى نقرأ تفاصيل معمودية المسيح على يد يوحنا المعمدان. يقول البشير متى أنه "لما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. وإذا السموات قد انفتحت فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه، وصوتٌ من السماء قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت". تصور المشهد في فكرك: الابن يعتمد في الماء والروح ينزل كالورقاء والآب يشهد من السماء
.وما دمنا في جو المعمودية فلْنلْقِ نظرة على صيغة المعمودية الواردة في الإصحاح 28 من إنجيل متى. يقول الرب يسوع: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس". لاحظوا أنه لم يقل "عمّدوهم بأسماء الآب والابن والروح القدس"، بل "عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس". ولفظة "اسم" هي في المفرد، مما يدل على أن الثالوث هو إله واحد
.
يقول المسيح في الإصحاح 14 من إنجيل يوحنا "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعَزِّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه". فالابن يطلب من الآب أن يرسل الروح القدس. وهل هناك كلام أوضح من هذا على صحة عقيدة التثليث؟
يخبرنا البشير لوقا في الإصحاح 1 من إنجيله، أنه لما بشر جبرائيلُ العذراءَ خاطبها قائلاً: "ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمّينه يسوع"، قالت له: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رَجُلاً؟" فأجاب جبرائيل (وأرجو الانتباه): "الروح القدس يحلّ عليك وقوة العلي تظللك. فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابنَ الله". وبقوله هذا أتى جبرائيل على ذكر ثلاثة لهم علاقة بولادة المخلص: أولاً الروح القدس. ثانياً الله العلي وثالثاً القدوس المولود المدعو ابن الله
.
الدليل الأخير نجده في ما نسميه "البَرَكة الرسولية". والبركة الرسولية المثلثة تذكّرنا بالبركة "الهرونية" المثلثة في العهد القديم. ففي الإصحاح 6 من سفر العدد كلَّمَ الرب موسى، وموسى كلَّم أخاه هرون حتى يبارك الشعب بقوله "يباركك الرب ويحرسك. يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاماً". لماذا تكررت البركة هذه ثلاث مرات؟ لنفس السبب الذي من أجله قال بولس في البركة الرسولية: "نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس تكون معكم". بكلمة أخرى السبب هو أن الكتاب المقدس، من أوله إلى آخره، يعلِّم بالتثليث. فالآب والابن والروح القدس هم ثلاثة في جوهر واحد، وإله واحد لا ثلاثة آلهة.