وكان يردد على مسامع المتناولين منبهاً ومحذراً الذين يتقربون للأسرار المقدسة قائلاً : " المناولة نور ونـــــــار "
أتضاعـــــة وإحتماله متكلما بالسلام : كان زوار الدير يحبونه جداً ويذهبون إليه ليقبلوا يده المباركة حسب عادة الأقباط فكان غذا حدث هذا فكان ينحنى هو أيضاً ينحنى ليقبل يد الزائر , وكان إذا ركعت أمامه لتصنع مطانية كان يركع امامك ليصنع مطانيه أيضاً. ** حدث أنه وقف فى الكنيسة فى مكان فذهب راهب إليه وانتهره وطلب منه أن يترك المكان الذى يقف فيه إلى مكان آخر , فقال فى هدوء " حاضر " وترك له المكان .. وما هى إلا لحظات حتى ذهب إليه راهب آخر وفعل نفس الشئ فتركه فى الحال دون أن ينطق , وهكذا تحمل فى طاعة طلبات اخوته الرهبان ولم يتذمر من الإهانات المتوالية . وكان زوار الدير يلتقطون له الصور وكان كثيرا ما يرفض وإذا رفض تخرج الصور ممسوحه , وحدث مرة أن أخذ أحد زوار الدير له صور فإذا رفع يده معترضاً وأصر صاحب الكاميرا على أخذ تلك الصورة فكان يجد عند تحميض الفيلم الصورة ممسوحة بينما الصور التى صورها والسابقة والآحقة على الصورة محل الإعتراض سليمة . ويروى ابونا القمص متياس الأنطونى فيقول : " دفع بعض الاباء الرهبان أبونا يسطس ليخرجوه خارج الكنيسة , فسقط على الأرض , وقد حزنت كثيراً جداً لمعاملة الرهبان له وأنصرفت متألماً .. وبعد قليل فوجئت بأبونا يسطس يحضر إلى ويقول لى : " إننى قد وقعت على الأرض , ولم اقع من دفعهم لى "
وعلل أبونا متياس على تصرف أبونا يسطس بأنه اراد ألا يجعله ينام , وفكره يدين إخوته الرهبان على قسوتهم معه ومعاملتهم له بهذه الطريقة .
ذهب ثلاثة إلى ابونا يسطس وكان واحداً منهم يشعر بكبرياء لأنه لا يدخن السجائر فسأل أبونا يسطس قائلاً : " ما رأيك فى اللى بيشرب السجائر " فشهر ابونا يسطس بإفتخاره وبره الذاتى فقال له : " اللى بيسأل السؤال ده هوه اللى ما أخطأش ولا خطية "
قال أبونا أبسخرون الأنطونى : " كان ابونا يسطس ملاكاً متخفياً لا تعرف له سراً ... "
وكان يحب أن يسود الدير السلام والمحبة , فلا يرضى أبداً أن يسمع بوجود خصام بين الخوة الرهبان , بل كان يسرع إلى المتخاصمين ليوفق بينهم , فيعود السلام وتعم المحبية بين الجميع , وكان يقول لهم : " أنتم هنا فى الدير , وما يصحش يكون حد زعلان فى هذا المكان المقدس "
** قال أبونا الراهب متى الأنطونى : " ذهب لدير النبا انطونيوس شخص أسمه منير وكانت لديه مشكلة معينة , وقد طلب من ابونا يسطس أن يصلى من أجله فرفض , وظل يتهرب منه كعادته عندما يرفض طلباً ولكن منير ظل يطارده ويلح عليه ويتبعه فى كل مكان يذهب إليه وذهب ورائه إلى عين الماء فإلتفت أبونا يسطس إليه , وقال له : " ماتروح لأبونا متى يصلى لك , ما هو قريبك "
وفوجئ منير بهذا القول كما فوجئت انا ايضاً عندما سمعت ذلك , لأننى طلبت من منير أن لا يعرف أحداًَ ممن فى الدير إننا أقرباء , وفى هذا اليوم لم بالذات لم يقابلنى منير , وأدخلت هذه الإجابه قلب قريبى , وقال فى نفسه ما دام أبونا يسطس قال هذا فهو لا يريد المجد الباطل لنفسه , وما دام له هذه المعرفة فأنا واثق أن ابونا يسطس عرف مطلبى وهو سيصلى من أجلى دون أن يظهر ذلك .
** ويروى أبونا متى واقعة أخرى وكنت أيامها راهب فى الدير فيقول : " أرسل رئيس الدير المتنيح القمص أثناسيوس الأنطونى وكان وقتها فى عزبة الدير ببوش طالباً أن أوافيه ببيانات عنى إذا كنت أرغب فى السفر للخدمة بالقدس , ولم تكن لدى نية السفر أصلاً , ولما كنت متحيراً فقال لى : " يا أخى بلاش .. بلاش , دا ابونا أثناسيوس ما يستغناش عنك فى العزبة " وحدث أن وصلت رسالة أخرى مع القافلة التالية تقول : " لا مانع من نزول أبونا متى لإحتياج العمل له فى بوش " وتحقق ما نبوءة ما قاله أبونا يسطس الأنطونى !!
من هو أبونا يسطس الأنطونى ؟
يقول أبونا متى الأنطونى : " فى ديسمبر 1972 م قال لنا ابونا يسطس : " والدى أسمه المقدس شحات وكان يعمل ترزياً فى زرابى دير المحرق وأنا كان اسمى " نجيب "
فقلت فى نفسى هذه المعلومات قيمة قد نحتاجها فيما بعد , فتوجهت إلى قلايتى , وكتبت هذه المعلومات قبل أن أنساها , ولما عدت إليه قال لى ابونا يسطس : ط يا أخى عملت أيه ؟ .. إنت عملت أيه ؟ " فقلت : " أبداً .. أنا .. " ولم يدعنى أكمل حديثى وقاطعنى قائلاً : " إنت عملت أيه بس .. ما تكتب حاجة عن الأنبا انطونيوس تفيد الناس "
الشماس يسطس والكتب المقدسة : يقول الأب القمص أبسخروس الأنطونى : " أن الراهب يسطس النطونى كان يحفظ رسائل القديس بولس حفظاً جيداً , فيردد أجزاء كبيرة منها دون الإستعانة بالكتاب المقدس , وكان أيضاً يحب قراءة الإنجيل باللغة القبطية التى أجادها قبل إنخراطه فى سلك الرهبية , وتعلمها فى بلدته زرابى الدير المحرق , وهى لا تبعد عن هذا الدير كثيراً .
ويقول أيضاً : " إن ابونا يسطس كان يحب كثيراً مطالعة سيرة الأنبا انطونيوس , كما كان لا يقرأ من الكتب الأخرى سوى كتب الميامر , ويطالعها فى مكتبة الدير . "
الصوم فى حياة القديس يسطس الأنطونى : الصوم فى الكنيسة القبطية أكثر من ثلثى السنة بعضه أنقطاعى وبعضه بدون أكل اللحوم أو منتجاتها أى البقول فقط , والبعض البقول والأسماك , أما ابونا يسطس فهو راهب سار على طريقة الرهبنة القديمة فكان فقيراً فى مأكلة لم يكن نهماً ولم يأكل لحماً مطلقاً طيلة رهبنته ...
وكان كثيراً ما يتأخر فى الذهاب إلى مخزن الدير ليأخذ المـــرس ( والمرس كلمة يونانية هو نصيب الراهب اليومى من الطعام ) وكان يأخذ قليلاً من طعامه وهذا القليل كان يأخذ منه قليلاً ويعطى الباقى إما للعمال أو يفيد به القطط , وكان يأخذ طعامه ويجلس مثل العمال ويأكل طعامه تحت شجرة كأفقر الناس .
وكان اكلته المفضلة هو الخبز المتساقط أو بواقى اكل الرهبان الذى كان يجمعه الرهبان ويعطوه إلى الماعز فكان يجففه ويبلله بالماء وياكل القليل منه عندما يجوع بعد أصوامه الطويلة , أما الوجبة الغذائية التى كان يعدها تتكون من الردة والملوخية الناشفة ويخلطها بالماء مع كسر من الخبز وبصلة , وكان يضع هذه الخلطة فى إناء من الفخار ويتركه لليوم التالى وكان كثيراً ما يتعفن فكان يغصب نفسه ويأكله . وكان يأكل فولاً مسلوقاً (يطلق عليه فول نابت ) وكثيراً ماكان يأكله قبل أن ينضج .
المال وابونا يسطس وفقرة الإختيارى :
** لم يحتفظ الراهب يسطس الأنطونى بأى نقود فكان يتخلص من مرتبه الذى يأخذه فى الدير ويقول ابونا أبسخرون : " كان لدى مبلغ من المال هو مرتب ابونا يسطس وقرب نياحته طلب منى أن اسلمه إلى رئيس الدير القمص أثناسيوس فغشترى به ابسطة للدير "** كان يلبس ثياب بالية وحذاء ممزق عملا بقول رب المجد لا يكن لكم ثوبان , وحدث أن فتاة مرفهة من عائلة غنية زارت الدير يوماً فى صيف 1977 م , وكانت قد سمعت عن القديس يسطس الأنطونى ولما رأته فى ثيابه أشمازت , واشاحت بوجهها عنه غذ أختقرت ملابسه الرثة , ولكن لم تنتهى الحادثة لأن الفتاة ذهبت مع باقى الزوار إلى الكنيسة عند رفع بخور عشية .. شاهدته فى حالة اتضاع بهية ورأته بمنظر بهى فصاحت بأعلى صوتها بدون وعى : " الله ... ريحة بخور ... ريحه بخور ... ابونا شكله حلو " وتغيرت هذه الفتاة تماً لأن الرب يسوع فتح عينها عن كان مخفياً وراء مظهر أبونا يسطس واسرعت الفتاة لتعترف بأفكارها لأبونا يسطس ولكنه أختفى فى الدير .