[i]
اشعياء63 - تفسير سفر أشعياء
undefined
هنا استعارة مأخوذة من الشرق حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثياباً بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حفاة الأقدام فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر وكان ذلك وقت بهجة عارمة وكان موسم فرح عند العبرانيين، وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء.
وقد ذكرت معصرة العنب هذه في (رؤ 14 : 18-20) حين قطفت عناقيد كرم الأرض لأن عنبها (الأشرار) قد نضج فألقى هذا العنب إلى معصرة غضب الله العظيمة، وديست هذه المعصرة خارج المدينة فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل. وهنا عصير العنب إشارة للدم (حروب عظيمة )
هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباساً احمر هو المسيح الفادى الذي غطى دمه جسده ليفدى كنيسته. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها.
آيات (1- 6) من ذا الآتي من أدوم بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص. ما بال لباسك محمر و ثيابك كدائس المعصرة. قد دست المعصرة وحدي و من الشعوب لم يكن معي احد فدستهم بغضبي و وطئتهم بغيظي فرش عصيرهم على ثيابي فلطخت كل ملابسي.لان يوم النقمة في قلبي و سنة مفديىَ قد أتت. فنظرت و لم يكن معين و تحيرت إذ لم يكن عاضد فخلصت لي ذراعي و غيظي عضدني. فدست شعوبا بغضبي و أسكرتهم بغيظي و أجريت على الأرض عصيرهم.
هنا أدوم تشير لأعداء الله وأعداء شعب الله الروحيين أي قوات الشر الروحية، فهي عداوة تقليدية بين أدوم (عيسو) وبين يعقوب أي شعب الله، هي عداوة من البطن، كما بين الشيطان والبشر. وهناك حروب دائمة بين يعقوب وعيسو، دامت في أولادهم. وكانت هزيمة داود لأدوم (2صم 8 : 13، 14) رمزاً لهزيمة المسيح لإبليس. وخطايا أدوم هي الكبرياء (عو 3) والبغضه (حز 35 : 5) والحسد (حز 35 : 11) والظلم لشعب الله (يؤ 3 : 19) وهذه الخطايا هي خطايا قوات الشر الروحية من الشياطين الذين يبغضون شعب الله، وهم كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه. وهم المتكبرين وهم الذين يحسدون شعب الله على ما حصل عليه من بركات العهد الجديد ومحارباتهم لنا هي كنوع من الظلم. ولقد بدأ انتقام الرب يوم الصليب، يوم تلطخت ثيابه بالدماء، بل جسده كله. ولكن مازال هناك حروب ضد شعب الله وهناك يوم للانتقام وصفه الله في سابق علمه وسماه هنا سنه مفدييى = فهو يوم محدد للخلاص النهائي يوم تداس فيه قوات الشر الروحية في معصرة غضب الله. حين تقطع عنا قيد كرم الأرض أي أشرار الأرض ويداسون في الأرض في معركة عظيمة قد تكون حول أورشليم وبعدها يكون المجيء الثاني بوقت قليل، وفيه يطرح عدو الخير ومن يتبعه في البحيرة المتقدة بالنار. وهذا هو يوم نقمة الله = لأن يوم النقمة في قلبي. وفى هذا اليوم سيرش دمهم على ثيابه فتلطخ كل ملابسه = إشارة لأنه غلب العدو وداسه (أي إبليس ومن تبعه) وهذه الدماء كانت خارجة من معصرة الغضب.
ملحوظات:
1) قوله سنة مفديى قبل أن يتم الفداء إشارة لأن كلمة الله لا تسقط، فهو قرر وسيعمل بالتأكيد.
2) لأن يوم النقمة في قلبي = ومعنى هذا أن الله أنتظر بصبر عجيب حتى يأتي يوم الفداء ليخلص أولاده، ولكنه لا يعمل إلا في الوقت المناسب، ملء الزمان، كما خلص الشعب من مصر ومن بابل.
وهنا في هذه الآيات رأى النبي المسيح بثياب حمر = إشارة للفداء، وقد أتى من أدوم (فالمعركة كانت بين الفادى وبين الشيطان ورمزه هنا أدوم. وبصره = هي أكبر مدن أدوم. ورآه بهي في ملابسه متعظم بكثرة قوته = فهو الذي رآه يوحنا وقد "خرج غالباً ولكي يغلب ". وهو المتكلم بالبر = فهو المسيح الكلمة الذي برر شعبه. للخلاص = فمعنى إسم يسوع هو يخلص شعبه فسأله النبي ما بال لباسك محمر = الفداء على الصليب. وثيابك كدائس المعصرة = هنا لا يتكلم عن الفداء بل يوم الانتقام يوم المعصرة يوم أن يصير الدم حتى لجم الخيل، يوم يلقى عدو الخير في بحيرة النار. و يرد المسيح قد دست المعصرة وحدي = فلا يوجد شريك للمسيح في عمل الخلاص. وهو أيضاً الذي سينتقم من أعدائه في سنة الفداء = السنة المحددة لبدء الحياة الأبدية. وفى عمل الخلاص لا يوجد معين = فالتلاميذ تركوه وهربوا، بل أن حتى كل إنسان إنشغل عن خلاص نفسه بغوآية أعداء الله. وتحيرت إذ لم يكن عاضد = الله لا يتحير ولكن المعنى أنه :- كان الوضع قبل الصليب وضعاً ميئوساً منه، وهلاك البشر محتوم وعدو الخير كان كأنه قد إنتصر. بل بعد أن قدم المسيح الفداء كان المنتظر أن يهتم كل إنسان بخلاصه ويتجه بقلبه للمسيح ولكن ما يدفع إلى الحيرة (وهذه بلغة البشر ) أن الإنسان لم يفعل ما هو منتظر منه. فخلصت لي ذراعي = الذراع تشير لقوة الله أي المسيح فهو قوة الله وحكمته. مدفوعاً بغيظه = وغيظي عضدني = أي غيرتي ومحبتي لشعبي جعلتني أنتقم من أعدائهم بغيظ.
آية (7) إحسانات الرب اذكر تسابيح الرب حسب كل ما كافأنا به الرب و الخير العظيم لبيت إسرائيل الذي كافاهم به حسب مراحمه و حسب كثرة إحساناته.
تسبحة شكر لله على هذا الخلاص العظيم.
آية (8) و قد قال حقا أنهم شعبي بنون لا يخونون فصار لهم مخلصا.
هذا ما كان الرب يتوقعه أنهم بنون لا يخونون.
آية (9) في كل ضيقهم تضايق و ملاك حضرته خلصهم بمحبته و رأفته هو فكهم و رفعهم و حملهم كل الأيام القديمة.
في كل ضيقهم تضايق = شفقة ورحمة ومحبة الله تنطق في هذه الكلمات وهو الذي بكى على قبر لعازر وهو عالم انه سيقيمه، وهو بكى تأثراً بما حوله من جو حزن، وبكى حزناً على الإنسان الذي جلب على نفسه قضية الموت ولكن ملاك حضرته = الرب يسوع خلصهم. وحملهم كل الأيام القديمة = فعنآية الله بشعبه حتى قبل المسيح، فهو خلاص الرب في كل الأزمنة.
آيات (10، 11) و لكنهم تمردوا و احزنوا روح قدسه فتحول لهم عدوا و هو حاربهم. ثم ذكر الأيام القديمة موسى و شعبه أين الذي أصعدهم من البحر مع راعي غنمه أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه.
الله يخلص ولكن ما هو موقف البشر؟ و لكنهم تمردوا. وماذا صنع الله؟ و هو حاربهم = ليس المعنى الانتقام من شعبه، بل تطهير شعبه من خطاياهم فسمح لشعب إسرائيل أن يقع في يد بابل مدة من الزمان للتطهير. بعدها ذكر الأيام القديمة = الله لم ينسى حتى يذكر، بل نحن الذين ننسى إحساناته والمعنى أنه حين انتهى التطير ومن أجل وعوده لآبائهم أطلقهم من بابل وهنا تحير النبي فتساءل أين الذين أصعدهم من البحر مع راعى غنمه موسى = كان يجب أن يكونوا تابعين لله ولكن للأسف أين هم ؟
آيات (12-14) الذي سير ليمين موسى ذراع مجده الذي شق المياه قدامهم ليصنع لنفسه اسما أبديا. الذي سيرهم في اللجج كفرس في البرية فلم يعثروا. كبهائم تنزل إلى وطاء روح الرب أراحهم هكذا قدت شعبك لتصنع لنفسك اسم مجد.
الله يذكرهم بأعماله العظيمة معهم أي بالرغم أنهم أحزنوا روحه القدوس إلا أنه معهم. عن يمين موسى = أي قوة لموسى يسنده ويشق أمامه المياه وسيرهم وسط اللجج = وسط البحر كفرس = لا يعثر لأن الله هو الذي يقودهم. وحين يعطشوا يقودهم كبهائم تنزل إلى وطاء = لتشرب من الوادي مياهاً حلوة بعنايته. وروح الرب أراحهم = فهو المعزى دائماً أبداً لأولاده. وكان الله في كل هذا يصنع لنفسه إسما وأسم مجد = ليتمجد الله وسط شعبه وأمام الأمم ليؤمنوا.
آيات (15- 19) تطلع من السماوات و انظر من مسكن قدسك و مجدك أين غيرتك و جبروتك زفير أحشائك و مراحمك نحوي امتنعت. فانك أنت أبونا و إن لم يعرفنا إبراهيم و إن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك. لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك قسيت قلوبنا عن مخافتك ارجع من اجل عبيدك أسباط ميراثك. إلى قليل امتلك شعب قدسك مضايقونا داسوا مقدسك.قد كنا منذ زمان كالذين لم تحكم عليهم و لم يدعى عليهم باسمك
موضوع هذه الآيات والإصحاح الذي بعده، صلاة من الشعب قد يكون إشعياء هو الذي صلاها بدافع من الروح القدس. فيها يطلب الشعب من الرب أن يرحمهم ويعترف بأنهم شعبه ويخلصهم من خطاياهم وأعدائهم.تطلع من السماء = كأن الله في غضبه قد ترك الأرض وجلس في السماء. وهنا يصلى له الشعب تطلع = انظر إلينا في ضيقاتنا. زفير أحشاءك= شفقتك وإن لم يعرفنا إبراهيم = هم قالوا قبلها لأنك أنت أبونا، ويكون المعنى أنه وحتى إن لم نكن أولاد إبراهيم فبنوتنا لله أهم من بنوتنا لإبراهيم بالرغم من اعتزاز اليهود ببنوتهم لإبراهيم. ولا توجد صلاة أخرى في العهد القديم فيها يخاطب الشعب الله قائلا أبونا سوى هذه الصلاة. وهذا مما يدل أن الروح القدس أوحى لإشعياء أن يصلى بروح العهد الجديد " أبانا الذي في السموات " أضللتنا = الله لا يضل أحد ولكن هم بحريتهم ضلوا بعيداً عنه وربما تشير للسبي الذي يحكم به الله. وقد تشير أن الله تركهم وتخلى عنهم بسبب خطاياهم فضلوا. إلى قليل أمتلك شعب قدسك = أي المدة منذ بناء الهيكل حتى السبي وهى حوالي 400 سنه ولكن الشعب أعتبرها مدة قليلة. قد كنا منذ زمان = مدة الضيقات الحاضرة تظهر أنها طويلة (مع أنها 70 سنه) كالذين لم تحكم عليهم = هذه شهوة قلوبهم أن يعود ويحكم عليهم وليس الأمم، وهذا ما نصليه يومياً "ليأت ملكوتك".